Monday, July 19, 2010

هي وحزنها ومرآه




تجلس أمام مرآتها تتأمل حزنها المرسوم بريشة فنان ماهر على وجهها الصغير ..تلونت عيونها بلون الحزن الدامع ورسمت حولها هالات من السواد تتحسس بيدها وجهها الشاحب ..مازال رقيقا كرقة الوردات المتساقط عليها الندى
تتساءل ما الذي أصابها وجعلها تصل لهذه الحالة التي وصلت إليها من الكآبة والحزن
إن صدمتها في أقرب من حولها كانت أقوى من أن تجيب
جلست صامته تتأمل الدموع التي لم تجف أبدا من عيناها
وتتساءل مرة أخرى ماذا فعلت بهم ليوجهون إليها الطعنات الواحدة تلو الأخرى هكذا هل حبها لهم أخافهم هل خوفها عليهم أرعبهم وجعلهم يتخلصون منها بهذا الشكل ..كانوا عندها كل شيء ..وأصبحت لديهم لاشيء ..لاشيء ..يا لها من فاجعة حين تكتشف انك أصبحت لاشيء
تتذكر أي مناسبة سعيدة مرت بها هذا العام ..فتكتشف أن سعادتها فيها كانت لحظات تزول بزوالها وأن أكثر أحداثه كانت صفعات تتلقاها الواحدة تلو الأخرى من أناس اقرب إليها من روحها وأخرى ممن ليس لهم قيمة ..ولكنها جميعا كانت مؤلمة ربما أكثرها إيلاما كانت ممن كانوا الأقرب لها
تجفف دموعها ....تخرج علبه الماكياج وتضعها أمامها ..تخرج فستانا اشترته منذ فترة ووضعته في دولابها آماله في مناسبة سعيدة ترتديه فيها ..تغلق باب غرفتها بإحكام ..تغلق اميلها ..تجعل هاتفها أوف لاين ..كانت بحاجة للاستماع إلى الموسيقى ..فاختارت مالك جندلي وتركته يعزف عله يخرجها من حزنها ..أغمضت عيناها وأخذت نفسا عميقا واستسلمت لموسيقاه ..ارتدت فستانها ذو الألوان المتعددة التركواز ،الفوشيا ،الأرجواني ، الأسود ..أخرجت حذاؤها ذو الكعب العالي من صندوقه الموضوع تحت سريرها ليس انسب من هذا وقت.. الباب مغلق ولا يوجد احد في المنزل ليقتحم عزلتها
جلست أمام مرآتها تمسح بيدها دموعها التي لا تجف أبدا ..وضعت كريم الأساس ..ربما كانت بحاجه لمزيد من الكونسيلر لتزيل تلك الهالات المرسومة حوله عيناها وضعت البودرة واحمر الخدود وضعت الآي شادو ..الكحل ..فظهر عمق حزنها المسكون داخل عينها ..زادته الماسكره عمقا اكثر.. وضعت احمر الشفاه الوردي ..ارتدت عقدها اللولي فردت شعرها المعقود دائما وصففته ..فاكتملت اللوحة..
أصبحت وكأنها نجمه من نجوم السينما تستعد للقيام بمشهد تراجيدي ولكنها تذكرت أن هناك شيئا ينقصها ..تذكرت أنها لم تضع طلاء الأظافر بعد ..فكرت قليلا أي لون ستضعه على أظافرها ..إنه الفوشيا ..سوف تتجرأ للمرة الأولى بحياتها وتضع طلاء الأظافر الفوشيا ..فكانت دائما تفضل الألوان الهادئة ولكنها ستفعلها هذه المره ..وضعت الفوشيا على أظافرها ..أخذت تنفخ فيها حتى يجف ..صففت شعرها مرة أخرى معجبة به وبانسيابيته ..تمسك هاتفها وتلتقط صورة لنفسها ..تدور بفستانها القصير وحذاؤها ذو الكعب العالي في أرجاء حجرتها ..تدور وتدور كراقصات الباليه تحاول الوقوف على أطراف أصابعها كما يفعلن .. فقد سمعت ذات مرة أن الرقص يعالج الاكتئاب ..تدور وتدور و تدور ..فتدوخ تسقط على كرسيها تنظر إلى مرآتها ..وتكتشف أن دموعها لم تجف بعد ..فتبكي وتبكي و تبكي وبحركة عصبيه تنتزع عقدها بعنف فتنفرط حباته كما انفرطت سنوات عمرها منها
ترتجف يدها وهي تفتح درج التسريحة ..تتذكر سؤال صديقها الذي وجهه لها ذات مرة وسألها كم مرة حاولت الانتحار ..تذكرت دهشتها من سؤاله غير المتوقع وتذكرت ايجابيتها حينها أنها لم تفكر ولن تفعلها ..وأكد هو أنها دائما تحاول الانتحار بأي شكل من الأشكال ..مازلت يدها تبحث عنه وعيناها الباكيتان مثبته في مرآتها ..مازلت يدها ترتجف ..تتسارع دقات قلبها .. تعثر يدها على المقص أخيرا تقبض عليه بقوة.. مازلت يدها ترتجف ودموعها أغرقت وجهها وسؤالها الأخير ..ماذا ستفعلين أيتها المجنونة بحالك ومن يستحق ..ولكن لا جواب سوى دموعها تقترب يدها..تقترب أكثر.. ترتعش.. تنتفض ..تغمض عيناها وتفعلها...
تتدلى ذراعها .. يسقط المقص من يدها وقد بللته دموع قلبها المعتصر من الألم على كومة شعرها المقصوص

3 comments:

جوجو said...

السلام عليكم
الحزن موجود مهما حاولت اخفاؤه فقد تكون الصدمة اكبر بكثير من السيطرة على اخفاء الحزن
تحياتى

لاسع افندى said...

كل عام وانتم بخير

ورمضان كريم


تحياتى

كراكيب نـهـى مـحمود said...

لبنى مدونة جميلة وحزينة وبها الكثير من الصدق
دمتي بود